كتب الأستاذ صادق البهادلي على صفحته في الفيسبوك يقول
المطرب الريفي عبادي العماري/ نصير المرأة
تزخر الاغنية الريفية العراقية بمطربين كبار فرضوا انفسهم بكل قوة على المشهد الغنائي العراقي حتى ثمانينيات القرن المنصرم، وكان من ابرز فرسانها " حضيري ابو عزيز، وداخل حسن، وناصر حكيم" وغيرهم الكثير، ليظهر من بعدهم جيلاً تميز أيضاً بإبداعه، وكان من ابرزهم عبادي العماري، الذي ينحدر من مدينة المجر في محافظة ميسان، يمتلك عبادي العماري صوت عذب وشجي لمع نجمه في السبعينات من القرن الماضي وتميزت أغانيه بأحتوائها على الحكمة والموعظة ومعالجة القضايا الأجتماعية التي كان يعاني منها المجتمع في ذلك الوقت ، فهو بالاضافة الى صوته المميز المتمكن، كان شاعراً وملحناً ايضاً. ومن أشهر أغانيه التي كتبها ولحنها وأداها " فصلية، وسامحيني"، وفي هاتين الاغنيتين بالتحديد يبرز دوره كمطرباً أنتصر لقضايا المرأة ودافع عن حقوقها وحريتها.. إضافة الى أغنياته الاخرى مثل: " سليمه، ويتيمه " وغيرها الكثير.
أدرك العماري بوعيه الكبير، أن الغناء يمكن أن يشكل وسيلة مهمة وفاعلة لإشاعة مفاهيم الخير والجمال إلى جانب تصحيح بعض المفاهيم والسلوكيات الخاطئة التي تؤطر طبيعة الحياة في الريف. فأغنيتة "فصلية" تتحدث عن إحدى العادات السيئة التي كانت مستشرية في الريف، حينما تصبح المرأة بمقتضاها (الدية) التي تقدم إلى أحد رجال القبيلة الأخرى من ذوي المقتول وما تشكله هذه الممارسة من حط لقيمتها ومكانتها عندما تقدم كسلعة لإرضاء ذوي المقتول. فهو يقول في أغنيته "فصليه" التي كتب كلماتها ولحنها وأداها عام 1973
لم يكن عبادي العماري مطرباً تقليديا كما هو حال الكثيرين من مطربي الريف والمدينة على حد سواء، بل كان يحمل رأياً ووجهة نظر تجاه مجتمعه الريفي وما تسوده من عادات وتقاليد إجتماعية بالية، فقد كان مهتماً بما تعانيه المرأة من ظلم وأجحاف وهضم لحقوقها.. وهذا بدا واضحا في الكثير من أغانيه التي كانت تحمل نفساً انسانياً ومجتمعياً، أستطاع العماري من خلال غنائه وشعره أن يوصله الى عمق الريف بكل ما أختزنته ذاكرته عن العلاقات الاجتماعية السائدة في تلك البيئة. توفي العماري عام 1989 تاركا إرثا كبيرا من الطرب والفن الأصيل.