لميعة توفيق

السيرة الفنية للمطربة لميعة توفيق
صاحبة الصوت ريفي النكهه مدني الصدى


بحث وأعداد : الباحثة فاطمة الظاهر
لميعة توفيق من المطربات العراقيات الشهيرات لها اسم كبير بين الاصوات النسائيه العراقيه . كانت تغني باللهجه البغداديه  ، صاحبة صوت قوي النبرات ريفي النكهة مدني الصدى .. يمتاز بطبقته الصوتية العالية جداً.
أحتفظ  لها التلفزيون العراقي بأغنيات قليله مصورة ويرجع ذلك لأهتمامها بالغناء على خشبة المسارح الليلية أكثر من اهتمامها بالغناء الإذاعي ،  فقد كانت تمتلك ملهى الاوبرج في شارع السعدون قرب سينما النصر وفيه تودي معظم اغنياتها . خزينها من الأغاني الإذاعية لا يتجاوز الخمسة والثلاثين أغنية بالرغم من رحلتها الطويلة مع الغناء ورغم الكم الكبير الذي تمتلكة من الاغنيات.
ابدعت الفنانه الكبيرة لميعه توفيق في غناء أطوار الأبوذية والسويحلي والنايل وهي اطوار من الغناء الريفي العراقي ، يتصف بالحنين والعواطف الجياشة ، وبرعت في غناء ( الهجع ) منذ عام 1953 عندما سمعته لاول مرة في منطقة المشخاب، وهذا النوع من الغناء تشتهر به منطقة الفرات الأوسط من العراق ، وهو غناء راقص يعتمد في أغلب الأحيان على آلة موسيقية واحدة هي الطبلة.
أستمع للميعة توفيق تغني الهجع



لحن لها اغلب الملحنين المشهورين في ذلك الوقت وعلى رأسهم الملحن سالم حسين ، وغنى اغانيها بعض من المطربين العرب والعراقين ، اشتهرت على المستوى العربي بأغنيتين " شفته وبالعجل حبيته والله " وأغنية " هذا الحلو كاتلني ياعمه " والاغنيتين للملحن محمد نوشي ، أدت أغنيتها " هذا الحلو كاتلني ياعمه " المطربه المصريه ( أنغام في جلسة خليجيه)
هذا الحلو كاتلني يا عمة - لميعة توفيق



كذلك غنى بعض أغنياتها الفنان العراقي المعروف حميد منصور واشتهر بها .
ولها أغنية " يا الولد يا أبني " التي ذاع صيتها بسرعة مذهلة في البيوتات العراقية لخصوصيتها المحلية البحتة.
شاركت في فلم درب الحب ( أنتاج سنة 1966 ) كمغنيه ، أدت فيه مجموعة من الاغنيات التي قام بتلحينها الفنان سالم حسين الامير.
لقد اختلف الكثير بخصوص ميلادها فمنهم من يرجح انها ولدت سنة 1937 ومنهم من يقول انها ولدت سنة 1938 ، وفي اعتقادنا ان التاريخين ليسا صحيحين وذلك لانها ونقلاً عن الناقد الفني الاستاذ عادل الهاشمي  بدأت الغناء عام 1948 ودخلت الاذاعه سنة 1952 فهل اعتمدت كمطربة في الاذاعة العراقية وهي في هذه السن الصغيرة  ؟ كذلك من الجانب الآخر فأن اغنيتها (يالماشية بليل لهلج ) والتي اشتهرت بها واحدثت ضجة كبيرة في وقتها كان ذلك سنة 1949 - 1950 .. وذكر انها انهت دراستها الثانويه في ( ثانوية الكرخ ) ثم دخلت معهد الفنون الجميله سنة 1950 وتخرجت منها سنة 1959 ، استناداً على هذه التواريخ يرجح ان تكون مواليدها في بداية الثلاثينيات وليس في اواخرها.
كتب عنها الفنان حسين الاعظمي في كتابه (محاور في المقام العراقي/المحور الحادي عشر الجزء الاول /  التجربة النسوية في غناء المقام العراقي) حيث يقول :" لا يمكنني اغفال الحان من مقام الجَمّال غنتها المطربة الراحلة لميعة توفيق ..
يا مليح اللّمــا وحلـو التغني وجــميلا جـماله قــد فتـنِّ
حيث ابدعت المطربة لميعة بهذا المقام بحق .. صوت جميل ونغم اصيل شجي .. ورغم هذا الابداع , غير انها محسوبة ضمن المطربات الريفيات فلم اشأ اقحامها في كتاب يخص المقام العراقي .. ربما اتحدث عنها وعن غيرها في المحاور التالية لهذه الدراسة إن شاء الله " .
مقام - قل للمليحه - واغنية - كًلي ياحلو - المطربه الراحله لميعه توفيق



في مقالة للاستاذ رشيد الخيون يدافع فيه عن الست لميعة توفيق نشر في جريدة المدى بعنوان : تشابك الأزمنة..لماذا تُشتم لميعة توفيق
يقول فيه :" لا اظن ان قناة (الفرات) تقصد شتم المطربه لميعه توفيق في احد برامجها لموقف ما ضد الغناء والمغنين ، ولو كان كذلك لتعرضت الى المئات منهم ، انما هو من معد ومقدم برنامج ( دهن الحر) ، حيث تصور انه سيزيد برنامجه لطفاً وضرفاً ، فأخذ يكررها : " لنعل ابو لميعه توفيق" ، بلا مسوغ سوى طلب الاضحاك ، واحسبه بكاءاً لا ضحكاً ، وثقلاً لا خفه". بينما أجد قناة «الفرات» تسارع في تطورها، وتحاول احتواء التنوع العراقي، مخففةً من اللون الواحد، ومنفتحةً ببرامجها على ما هو أوسع وأرحب
وللتذكير بالمطربة لميعة توفيق، اعتماداً على كتاب «مغنيات بغداد» لكمال لطيف سالم، ومقال، فيه الكثير من الوفاء، كتبه رحيم الكعيدي، أنها بغدادية ولدت بالكرخ في عقد الثلاثينيات ودرست الموسيقى بمعهد الفنون الجميلة ببغداد 1950 ومن يومها أخذت الإذاعة تبث صوتها الشجي عبر الأثير، ثم عبر التلفزيون العراقي (1956) وهو الأول بالمنطقة جمعاء.
أطربت لميعة توفيق مَنْ هم اليوم عجائز وما زالت تطرب أحفادهم بنعمة الصوت ( إذا كنا نؤمن بأن المواهب نعمة من نعم الله) صوتها فريد النَّبرة فيه من الحنين ما يدمع العين لمجرد سماعه، وقد ساهمت برقي الذائقة العراقية ونقل مزايا الفن الريفي العراقي إلى الملأ.
أي عراقي لم تطربه أغانيها التي أبدع بألحانها محمد نوشي وسواه كأغنية «شفته وبالعجل حبيته والله»؟
أي حفلة خطوبة لم يُسمع فيها: «نيشان الخطوبة»؟
المطربة العراقية لميعة توفيق نيشان الخطوبة



أي شاب وشابة لم يسمعا: «عمّة يعمَّة»؟
ومَنْ لم يتخيل أجواء الريف ووفاء العاطفة، وهو يسمع: «يلماشية بليل إلهلج»؟
لميعه توفيق - يالماشيه بليل لهلج



أغانيها عبرت عن أحاسيس النَّاس على مختلف طبقاتهم، لم يكن فنها متحيزاً، بل أطرب الفقير والغني بصوت جميل وكلمات عميقة بسيطة، وبأغانيها وبقية فناني ذلك الزمن صارع العديد من العراقيين الغربة واحتفظوا بلهجتهم العراقية الودودة وأنسوا فيها وحشتهم وهم موزعون تحت نجوم السماء".
كتب جميل المشاري في صحيفة المدى عن لميعة توفيق وأغنية
(لا خبر لا جفيه لا شربت) يقول:
"بعد ان اذيعت اغنية لا خبر في النصف الثاني من ستينيات القرن الماضي واخذت شهرتها بصوت الفنان فاضل عواد وهي بالاصل قصيدة للشاعر طارق ياسين لحن بعض مقاطعها الملحن والمطرب الراحل حسين السعدي.
قام احد اصحاب الاسطونات في الكويت وهو محمد الشايب بالاتفاق مع مطرب الاغنية فاضل عواد لغرض طبعها على اسطوانة يوزعها في الكويت والخليج
  فقد ارسل الى قبرص لغرض نقل الاغنية على اسطوانة وجعل غلافها من الورق الصقيل ، وكانت فرحتة لا توصف وهو يحدثنا ويصف لنا جمال تصميم غلاف الاسطوانة وكنت انا والفنان عبدالواحد جمعة رحمه الله نستمع اليه وذلك في مكتبه الواقع في عمارة جوهرة الخليج في ساحة الصفاة في الكويت ، وكان الفنان عبدالواحد جمعة يستمع ويضحك في سره وعندما نزلنا الى الشارع العام قال لي
عبدالواحد: "مسكين محمد" قلت :
"لماذا"  قال سترى بعد يومين سوف تخيب كل احلامه قلت:" لم افهم شيئا" اجابني انتظر غدا او بعد غد ولم يهدأ لي بال فاخذت الح عليه حتى وصلنا مكتب (ابو زيد فون لصاحبه محمد الصكعبي )وهو اشهر مكتب لتسجيل الاسطوانات في الكويت والخليج ، وهو رجل ضرير متذوق للفن وعقلية تجارية ووكيل لعدد من منتجي الاسطونات في القاهرة وبيروت اضافة الى فروعه في بعض امارات الخليج. فقال له يا ابو طالب (وهي كنية المطرب عبدالواحد) غدا سوف نخرج البضاعة من الكمارك. وبعد حساب وجمع وطرح قال ابو زيد لقد اصبحت كلفة الاسطوانة الواحدة 96 فلسا وهنا اخذ يضحك عبدالواحد جمعة وقال: غدا محمد الشايب يصيبه الغم والحزن.
بعد خروجنا قص لي الحكاية فقال انت تعلم بان مجيئي الى الكويت قبل يومين هو من لبنان ، قلت : "نعم" قال الم يخطر ببالك ماذا افعل في لبنان في هذا البرد القارس قلت :"اكيد لمتابعة اعمال"
فضحك وقال قبل اسبوع وعندما كنت في بغداد سجلت اغنية لا خبر بصوت لميعة توفيق في استوديو جميل بشير وبعد ذلك حجزت الى لبنان ومعي الشريط وتم تفريغه على اسطوانة ويوم غد سوف تنزل الى السوق بصوت لميعة قبل ان تصل بضاعة محمد الشايب بصوت مطربها الاصلي فاضل عواد
هنا استغربت من هذه الحكاية وما صادف بها من مفارقات لا مجال لذكرها هنا وفي ظهر اليوم الثاني وصلت الصناديق الى مخزن (محمد الصكعبي ابو زيد فون) وعلت مكبرات الصوت تصدح باغنية لا خبر بصوت لميعة توفيق فكان الاقبال عليها شديدا من قبل الجماهير التي أحبت هذه الاغنية او من اصحاب بيع الاسطوانات في جميع انحاء الكويت وقد بيعت الاسطوانة الواحدة بسعر الجملة بمبلغ (دينار وربع كويتي) وكانت كلفتها واصله الى مخازن (ابو زيد) (96 فلسا) وهكذا افشل ابو زيد وعبدالواحد جمعة مشروع محمد الشايب الذي كان يحلم به ، وبعد وصول بضاعته بشهر من توزيع الاغنية بصوت لميعة كان الاقبال عليها ضعيفا".
المطربه الكبيرة لميعة توفيق
واللقاء الفني الاول مع الموسيقار سالم حسين
كتابة : الموسيقار سالم حسين الامير
عدتُ والعودُ أحمدُ *** لبلادي أنشدُ
قادني الشوق طائراً *** لرياضي أغردُ
دجلة الحبِ والهوى *** وفراتي الممجدُ                               
بعد غيبتي الطويلة التي أمضيتها في عواصم ومدن جميلة متنقلاً بين الاودية الخضراء والجبال الشماء ومياه الابيض المتوسط الزرقاء وبرامج بيروت المسائية , وسفري الميمون لأم الدنيا قاهرة المعز, وتجوالي على شواطئ نيلها وظرافة ناسها وشموخ أهراماتها وروعة أنغامها , وما قدمته من نشاط ونتاج فني وأدبي , عزز وثبت من حضوري الفني , في هاتين العاصمتين ( بيروت والقاهرة ) وبدعم وتأييد من عباقرة الفن والادب الذين احتضنوني بكل  التقدير الذي كان حافزا كبيراً لذلك النشاط المستمر .
عدت الى بغداد عاصمة الرشيد والامجاد وانا محمل بالكثير من الاعمال الفنية والابداعات التي لم يتسنى لنا القيام بها مسبقاً لفقدان المؤازرة من الدولة والافتقاد الى الخبرة الفنية ، واول ما قمت به بعد يومين من وصولي , وترحاب احبابي واصدقائي بي , هي دعوتي الى زيارة مبنى الاذاعة والتلفزيون واللقاء بزملائي الفنانين وبعض المسؤولين في هذا المبنى الكبير فاذا بصديقي الفنان ( علاء كامل ) وعلي عبد الرزاق حسن مدير قسم الموسيقى في الاذاعة يسلمني امر تعييني عازفاً مع الفرقة المسائية الكبيرة ومسؤولا عن الانتاج الفني ورئيساً للفرقة الصباحية المنوط بها تسجيل الاغاني الريفية لمطربي الريف ، كوني من ابناء الريف ولي الحان ريفية جميلة , كما كنت قد سلمتهم بعضاً من تسجيلاتي التي تمكنت من الحصول عليها والتي سجلتها خارج العراق ، وقد اعجب الجميع بها عند الاستماع لها . وعند بدأ السنة الدراسية في معهد الفنون الجميلة طلب مني الحضور والتدريس في القسم المسائي لمعهد الفنون الجميلة حيث صدر أمر تعيني مدرساً في معهد الفنون الجميلة ابتداءأ من 12/11/1961 بوظيفة مدرسا لآلة القانون وتاريخ الموسيقى العربية والتراث الغنائي الشعبي  قد يكون ذلك بعضا مما كنت أتوقعه غير أني كنت منهمكا بما أحمله من أفكار ومشروعات في خدمة بلدي ومنها , فكرة تشكيل فرقه للفنون الشعبيه , والتي تشكلت من مجموعة من الهواة , اطلقت عليها اسم فرقة بغداد للفنون الشعبية ، اسوةً بفرقة الانوار للفنون الشعبية وفرقة الرحابنة في بيروت وفرقة رضا في القاهرة , التي كانت تشغلني عن أي شيء آخر. 
رضيت بالدوام الصباحي في الاذاعة والتلفزيون وتسجيلاتهما وكذلك عازفاً في الفرقة المسائية في يومي الاحد والثلاثاء , ان لم يكن لي محاضرات في معهد الفنون الجميلة القسم المسائي . وبعد اسبوع تقريباً ( على ما اتذكر ) صادف تسجيل اغنية للمطربة الريفية الكبيرة لميعة توفيق مع الفرقة المسائية وكان دوام الفرقة يبدأ من الساعة 5 مساءاً حتى الساعة 8 مساءاً وكانت الفرقة الموسيقية والكورس والمطربة لميعة توفيق , كلنا بأنتظار الملحن المبدع محمد نوشي الذي تأخر عن الحضور بسبب نجهله , حيث كنا نتبادل الاحاديث والنكات الظريفة , انا والاستاذ الموسيقار روحي الخماش ، اذ قال لي :" انا اليوم متنازل لك عن رئاسة الفرقة فشوف شغلك" ، ولما عبرت الساعة 5.30 , علمنا ان الملحن لم يتمكن من الحضور بسبب وعكة صحية ألمت به ، مما دعاني الى الايعاز بأستراحة لمدة ربع ساعة  للفرقة والكورس , في الحانوت والعوده الى الاستوديو,( اذ لم تكن هناك لا كافتيريا ولا مطعم في هذا المبنى ) , كما طلبت من المطربة وشقيقتها حليمة توفيق التريث بعض الوقت في الاستوديو, فجلست اداعب اوتار قانوني بلحن ريفي خفيف , وعند اكماله اسرعت بنظم كلمات على ايقاعه السريع الجميل واخذت في تحفيظه الى كل من المطربة لميعة وشقيقتها حليمة التي سميت بعد ان قدمتها بلحن ( ملايات الماي- أغنية حلوة وجميلة هالبلد) بأسم ( غاده سالم ) فحفظ اللحن ونوطه الموسيقار روحي الخماش كمسودة يستند عليها بالعزف وطلبت من احد افراد الكورس ان يذهب الى المقهى القريب من مبنى الاذاعة ويأتيني بعازف الطبله الريفيه ( الخشبه ) عبد الرزاق طاهر هو وطبلته . وعندما حضر كنت قد اكملت الاغنية كلماتاً ولحناً ( شوي شوي عيني شوي) فسألني ضارب الطبلة :" شلون ؟ " فاشرت له مع تحريك يدي فقط واعني بها الفواصل من غير موسيقى او غناء لا كما استعملت بعد ذلك دون تنسيق ، وعند حضور الفرقة الموسيقية والكورس بدأنا بالبروفات وقد حفظت الاغنية من قبل المطربه لميعة توفيق ومن الفرقة الموسيقية والكورس والطبلة الريفية وكان مهندس الصوت في غرفته يوعز لنا بالتسجيل ، واذا بالاغنية تسجل بدون توقف . فأثارت حينها ( لجمالها وسلاسة لحنها وكلماتها) , ضجة بين موظفي الاذاعة والعاملين ، فأذا بنا  نفاجأ بوجود المدير العام للأذاعة والتلفزيون بغرفة مهندس الصوت والتسجيل وبمعيته مدير قسم الموسيقى وبعض المذيعين يستمعون لهذا التسجيل . وطلبت من المهندس فتح الصوت داخل الاستوديو لنستمع معا للأغنية .
أستمع الى هذه الاغنية - شوي شوي عيني شوي



وبعد الانتهاء من الاستماع منحت استراحة للفرقة وللفنيين , وطلبت منهم الحضور بعد 15 دقيقة الى الاستوديو اذ ان هناك لحناً اخر خفيفاً سنسجله ايضاً . كان لتفاعل الحضور ودعم المسؤولين وأهتمامهم , حافزا لي لأستثمار نشاط وحيوية الفرقة نتيجة لذلك , مما دعاني الى الطلب من المطربة لميعة , تسجيل لحن آخر , اذ قالت وعلامات الفرح والسرور بادية عليها " اني حاضرة للحفظ " . وفعلاً بدأت في وضع اغنية ثانية على طور السويحلي الذي تجيد غناءه المطربة لميعة توفيق , اذ انه غناء فالت بدون ايقاع , غير انني جعلته بنوعين البداية يغنى مع الموسيقى والايقاع الوحدة الكبيرة كلازمة واعادة الشعر في الكوبليه غناء على ايقاع الوحدة المقسومة ثم دخول الكورس بكلمات اخرى على نفس الايقاع ( مشينا يمه مشينا نتلكا ساهي العين) . وبعد ان اتقنتها شعراً ولحناً وحضرت الفرقة الموسيقية والكورس فأذا بالاغنية تسجل بعد التمرين الاول عليها وكان التصفيق الحاد من قبل الكورس والمتواجدين في الاستوديو وغرفة التسجيل وقد علق الاستاذ روحي الخماش على ذلك الانجاز فقال :" ان الاستاذ سالم حضر بغداد, مشحون الباتري بعبقرية ونشاط عباقرة الفن في القاهرة وبيروت ومندري شراح يتحفنا بعد " . وبعدها علقت المطربة لميعة توفيق بأستغراب ولم تصدق نفسها انها تمكنت من تسجيل اغنيتين جميلتين بهذه السرعة كحفظ واداء وهي تقول :" لم اكن اصدق نفسي ان هناك هكذا فنان ينظم ويلحن ويخرج في آن واحد وخلال ساعتين فقط ".
وانتهى الوقت والكل يتحدث عن هذا الانجاز الذي كانت نتيجته كتاب شكر في اليوم التالي من المدير العام للاذاعة , اذ لم يحصل ذلك من قبل في تاريخ الاذاعة , لا سيما وان مديرها عسكري . عندما كان في غرفة التسجيل قال بأعتزاز كبير " حصلنا على مكسبين كبيرين وجميلين هذا اليوم ، فشكراً لك ايها الشاعر والملحن والعازف والمخرج ايضاً" .
وما ان شاع الخبر حتى تلاقفته الصحافة  مرحبة بقدومي وعودتي من رحلتي الفنية الممتازة وما أثمرته من نتائج فنية مبهرة ,عبرت عنها بكلمات الاطراء والاشادة بما أنجزته . بعد ذلك تعاملت مع المطربة لميعة توفيق بأغنيتين ايضاً احداهما من كلماتي والحاني ( جنهم نسوني احبابك يا قلبي اليوم *** لا ودعوني ولا كالوا الله وياك ) وهي بمقطعين ومقامين من مقام الصبا والكورس مقام العجم واغنية رابعه من الحاني أغنية ( ماتكلي ماتكلي يا كلبي شبيك ما حد يحن ويداويك)


وهي من الحاني أيضا غير اني لم اجزم انها من كلماتي ، مع أني أمتلك ذاكرة أشادت بها الصحافة واخيراً في قناة البغدادية حيث ذكر الصحفي داود الفرحان في برنامجه يقول :" ضعف جسم الاستاذ سالم حسين إلا ذاكرته القوية والصادقة دائماً".
لميعة توفيق مطربة ريفية كبيرة من مواليد( 1931 - 1997 ) ،  تملك صوتاً جميلاً وحنجرة متمرسة ، كما انها تجيد غناء جميع الاطوار الريفية ، تعلمت الغناء من الموالد والافراح النسائية التي كانت تقام في المناسبات والاعراس عند النساء حتى نزحت الى المدينة ، أشتهرت بصوتها الجميل وأدائها الحسن بعد ان عملت في بغداد حتى اصبحت ربة عمل وصاحبة ملهى ، وكان روادها والمعجبين بصوتها يتلهفون لسماع صوتها الجميل عندما تغني في حفلة في احدى النوادي او المناسبات الوطنية او الموسمية ، قدمت عروضها في خارج العراق فعملت فترة من الزمن في لبنان وفي الكويت والخليج العربي وسجلت لها بعض الحاني في الكويت نسيت بعضاً منها ولكني أتذكر فقط أغنية ( ألوجن) بنغم يختلف عن نغمتها الاساسية ، لحن لها العديد من الملحنين ، وقد اشتهرت اغنياتها عربياً ، شاركت في الغناء بأفلام سينمائية ومسلسلات ريفية فهي احدى النجوم الغنائية العراقية الساطعة ( مثل زهور حسين ، ووحيدة خليل وغيرهن ) رفدت مكتبة الاذاعة والتلفزيون في العراق بمجموعة من اغنياتها ، كما أن لها في تلفزيون الكويت والوطن العربي العربي أجمل الاغاني ولكافة الاطوار والالوان الغنائية ..... مما يوجب علينا ان نتذكر دائماً مبدعينا من النجوم اللامعة والساطعة في عالم الموسيقى والغناء والتأليف والتلحين والعزف ايضاً.

تهيئة الطابعة   العودة الى الصفحة السابقة