عاصم الجلبي
الفنان عاصم الجلبي
رحلة العود البغدادي في بلاد المهجر
كتابة : قاسم حسن
أتيح لي قبل فترة أكثر من عام أن استمع الى معزوفة على آلة العود ، أدهشتني كثيرا تلك المقطوعة ، سألت عن صاحبها ومؤلفها ، كان صاحبي مندهشا ايضا ومغرما بطريقة العزف وصفاء الوتر ، لكنه أشار الى أن هذا العازف ، كما علمتُ ممَن أهدى لي هذه المقطوعات ، أنه عازف عراقي يعيش في المنفى … له الكثير من المساهمات والنشاطات الموسيقية في أوربا …
بعد فترة وجيزة هاتفني صاحبي ، مشيرا الى ذلك الموسيقي ، ومعزوفاته على بعض المواقع الألكترونية ، فعرفت أنه يمتلك ثقافة موسيقية مهمه الى جانب عزفه على آلة العود بشكل ملفت للنظر ، حينها قلت لنفسي ، عجيب هــذا العراق ، ما أن يغيب علم من أعلامه ، يولد آخر ، فالعراق الذي أنجب خيرة الموسيقيين الكبار من اسحاق الموصلي وزرياب ، لازال ينجب المبدعين بمدارسهم المميزة في العالم والعالم العربي على حد سواء .
الفنان عاصم الجلبي كما عرفه ويعرفه العالم واحداً من هؤلاء ، الذين بينوا للعالم اجمع على أن العراق له إمتداداته في الموسيقى .. وهو واحدٌ من تلك الامتدادات ، لتلك النخبة التي لازالت في عمق أعماق البشرية ، ومصدر الهامها
ولــد الفنان عاصم الجلبي في بغـداد عام 1952 أكمل دراسته الابتدائية والمتوسطة والثانوية والجامعية فيها . ، كان لمحيط البيت الذي نشأ فيه الأثرالكبير في توجهه نحو الموسيقى( كان عمه استاذاً لآلة الجلو في معهد الفنون الجميلة في بغداد في الخمسينيات ، وكان أستاذهُ الأول فرنسي أسمهُ توره)
يقول الفنان عاصم الجلبي عن بداياته في هذا المجال مايلي:-
(في إطار النشاط المدرسي للفنون في المرحلة الابتدائية ( النشاط المدرسي في العراق في تلك الفترة كانت تجربة تربوية رائعة للأسف لم يكتب لها الاستمرار) احتضنتُ آلة العود وكان أستاذي الأول أستاذ موسيقى عام ولم يكن عواداً , واستطعتُ وبمجهودي الذاتي تطوير إمكانياتي في العزف على آلة العود وكان لظهور التلفزيون العراقي في تلك الفترة الأثر الكبير في إبراز أسماء موسيقية رائعة في مجال العزف المنفرد على آلة العود كجميل بشير هذا الموسيقي القاص لحكايات عراقية وبغدادية وعالمية على آلة العود وكذلك عازف العود الأستاذ سلمان شكر صاحب الضربات الروحية والصوفية في عزفهِ على هذه ألآلة كانوا هؤلاء الملهمين والمحفزين على مواصلة التطوير والدراسة لهذهِ ألآلة"..
يضيف : " كان أيضا جو العائلة والجو العام لا يرتضي أو يشجع على دراسة الموسيقى بشكل منهجي ونظامي فحاولت الاستفادة من احد أصحاب المدارس الخاصة بتعليم الموسيقى وكان الأستاذ جمال يامُلكي أحد الأساتذة الذين استفدت منهم كذلك تعرفت على الأستاذ علي الأمام ، كانت نصائحه مفيدة لي ، ومن ثم تعرفت لاحقاً على الأستاذ المبُدع ، الحاج مُعتز محمد صالح البياتي ، والاستفادة من نصائحه السديدة في العزف على هذه الآلة ومن خلاله ألتقيت روحياً الموسيقار الشريف محي الدين حيدر بن علي ، وكان للأخ الأستاذ أكرم الهبش عازف الكمان في الإذاعة العراقية ، الأثر في تحسين معلوماتي عن المقامات العربية وزيادتها كذلك منهُ تعلمت مفهوم أن تكون هناك رسالة للموسيقى".
في عام 1978 قررالفنان عاصم دراسة الموسيقى بشكل منهجي ونظامي ( كما يقول ) فالتحق بمعهد الدراسات النغمية العراقي فيقول :" لم أستفد أيةُ استفادة تُذكر من هذه المؤسسة سوى دروس الأستاذ الفذ والراحل روحي الخماش, وزادت معرفتي بأعمال الموسيقار الشريف محي الدين حيدر من خلال زميلي الأستاذ سالم عبد الكريم".
صورة للفنان عاصم الجلبي على العود مع الموسيقار روحي الخماش في العام 1978 عندما كان طالباً في معهد الدراسات النغمية
صورة للفنان عاصم الجلبي مع الفنان سليم سالم على العود والفنان عبد الكريم بنيان على القانون
صورة للاستاذ عاصم الجلبي في احدى نشاطات معهد الدراسات الموسيقية ، العازفون : عبد السميع عبد الحق ( ناي) ، عبد الكريم بنيان ( قانون) ، عاصم الجلبي ( عود) كريم عاشور(عود).
غادر الفنان عاصم الجلبي العراق عام 1979 نتيجة لتوتر الجو السياسي في تلك الفترة وترك الدراسة في المعهد المذكور حيث بدأ رحلته في المنفى الى أن إستقر به المطاف في فيينا/ النمسا عام 1980 مع بدأية رحلة جديدة في مسار حياته في المنفى
يقول الفنان عن بداية رحلته في المنفى:-
" قررت أن أبدا بدراسة الموسيقى الغربية من الصفر، فقمت باختيار آلة الجلو ، كأساس نظامي ، ولكون مؤسس مدرسة العود البغدادي الشريف محي الدين حيدر كان عازفاً مجيداُ على هذهِ الآلة ، إضافة للعود ، قررت دراسة هذه الآلة لكي يتم لي التعرف على الخطوط العامة التي قادت الشريف لاستنباط مدرسته".
ثم يضيف الفنان عاصم :" ودراسة الموسيقى الغربية لا تأتي بثمار جيدة بعد الدراسة بعمر متأخر ولكن للحصول على أساس منهجي ونظامي في الموسيقى عموماً ، تكون ذات فائدة كبيرة ، ولكون الموسيقى الغربية تعتمد أساساً على تعدد الأصوات فلا بد والحالة هذه من دراسة ، آلة كاملة ، هارمونية ، كالبيانو مثلاً .
لذا وبشكل موازي لدراستي للجلو شرعتُ بدراسة آلة البيانو , في عام 1991 استطعتُ الحصول على دبلوم في التربية الموسيقية من معهد (Franz Schubert Konservatorium.)
منذُ عام 1988 تحديداً بدأ الفنان بتقديم العروض المنفردة على آلة العود محاولا التواصل في إبراز مدرسة العود البغدادي عزفاً وكذلك من خلال المداخلات التي تسبق العزف المنفرد ، ( ومن خلال مراجعتي لإعمال من سبقني في هذه المدرسة ، تكونت لدي ، رؤية واضحة ومحددة لفلسفة هذه المدرسة ، التي تمثل لقاءاً فريداً من نوعه لروافد مختلفة قام بها الموسيقار الشريف محي حيدر بن على ، بصهرها في بودقة واحدة حملت أسم مدرسة العود البغدادي".
تمخضت هذه الرؤيا بأول عمل منفرد قدمة الفنان عاصم الجلبي سجل على قرص مدمج عام 2003 وحمل اسم مناجاة.
كما وتسنى له تقديم العروض المنفردة إضافة للنمسا في دول أخرى ( إنكلترا, بلجيكا, ألمانيا, ايطاليا في إطار مهرجان Festival Vis Musicae. ,
وفي تونس في إطار مهرجان المدينة وكذلك في سمرقند/ اوزبكستان في إطار مهرجان الشرق
في عام 1995 شاركة في أول عمل مشترك للفنانين المهاجرين في فيينا تحت أسم (World Music in 3/4)
وتمخض عن هذه المشاركة قرص مدمج حمل نفس عنوان المشروع .
منذ العام 1989-1996 كان عضواً فاعلاً في فرقة „Aras & Gülay“
قدم العديد من النشاطات والعروض المختلفة في إطار هذه الفرقة داخل النمسا وخارجها. كذلك مجموعة من التسجيلات
منذُ عام 1995 قدم الفنان أعمال مشتركة مع الفنانة الإيرانية (Jooya Zohreh) وفي إطار الحفلات داخل النمسا وخارجها قدم تسجيل مشترك حمل أسم ( Persian Night)
كما كانت لدية مشاركة مع الموسيقى والغناء الصوفي مع الفنان التركي (رحمي أوروج كفنج) ونتج عن هذه المشاركة تسجيل( قرص مدمج) عن دار الإذاعة النمساوية حمل اسم أنغام صوفية شافية .
منذ عام 2003 قدم الفنان عاصم الجلبي نشاط مشترك مع فرقة ( Thilges 3)
الفيناويية للموسيقى الالكترونية ، وهذه محاولة جديدة للفنان لإدخال آلة العود تحت مؤثرات صوتية إلكترونية ، لإظهار قدرات آلة العود على الانسجام و كذلك استخدام المقامات العربية ذات الأبعاد النصفية في هذا المشروع .
الى جانب عمله في الموسيقى ، يعمل الفنان عاصم ، مدرساً ، لآلة العود منذ العام 1984 في عدة مؤسسات تربوية ومدارس خاصة وشعبية في فينا، وكذلك في معهد التطبيب الموسيقي للشعوب وأكاديمية الطب الشامل منذ العام 1998 .
وللفنان آراءه الخاصة في هــذا المجال حيث يرى أن للموسيقى شأن آخر يختلف تماما عما هو سائد وشائع فيقول :-
"(إن فن الموسيقى (أين ما كان) في وسط ثقافي منفتح (كما هو الحال هنا في أوربا) يلعب النقد الفني دور أساسي ومهم ، في هذا الوسط لتقييم الأعمال الموسيقية الَمنتجة ، وغربلتها ، بشكل علمي وفني وبعيد عن روح التبجيل والمحاباة (وهذا شأن ما هو موجود في عالمنا العربي للأسف).
يستلزم منا الحذر والحيطة في العمل الفني الَمنتج، لذا كنتُ دائما مُتردد ( ولم أزل ) في إظهار نفسي وأعمالي للجمهور. إضافة للدراسة الموسيقية والتي بذلت جهداً ، ووقتاً ليس بالقليل ، وبدون هكذا دراسة منهجية يصبح الفنان ( في تقديري أميا)".
وعن مدرسة العـود البغدادي يقول :- " أن ما حل بهذه المدرسة العريقة وسائر( الفنون بشكل عام ) ما حل بها خلال سنوات الحكم الفاشي في العراق ، أفرزت هذه المدرسة ظواهر غريبة عنها مثال ذلك:
1. الاهتمام بالجانب التقني كغاية وليس كوسيلة لتحقيق الفكرة الموسيقية, لذا ظهرت حالة الفنان المهتم بالقدرة الاستعراضية على خشبة المسرح, وعندما يكون هاجس الموسيقي المؤدي الاستعراض فقط لإثارة جمهور الكتاب (ولا يوجد في عالمنا العربي تقاليد راسخة للنقد الموسيقي كما هو الحال في أوربا) والمشاهدين, تصبح مهمة الفنان المؤدي غير أمينة وناقصة أخلاقياً.
2. السطحية والابتذال في الأعمال الموسيقية المنتجة كنتيجة حتمية للواقع المتخلف والمبتذل للوسط الثقافي المسيطر على الواقع الموسيقي من قبل أزلام السلطة البائدة, لذا أنتجت لنا أعمال ركيكة فنياً همها كسب الجمهور بأي شكل كان وذلك عن طريق تقليد أصوات الطبيعة أو الحيوانات أو ما شاكل ذلك. إن القيمة الجمالية السامية للموسيقى لا تتحقق باستخدام هكذا أساليب ساذجة وسطحية".
هـذا هـو الفنان عاصم الجلبي الذي يعيش في المهجر مايقارب الثلاثة عقود من الزمان وكان ابتعاده عن الوطن ، والأهــل ، وواقع الغربة المثقل بالصعوبات ، عوامل قد أثرت في مسيرته الفنيه ولكنه سعى وبجهد خارق ان يكون اسما ونجماً ساطعاً في سماء الموسيقى الرصينة الهادفة ، إضافة الى اكتسابه الخبرة الغير عادية عن موسيقى الشعوب وابراز ، على الأقل موسيقانا ، على خارطة الأمم .. تحية لهذا الفنان ونتمنى له كل التوفيق في مسيرته الفنية .. وأن يحتضنه العراق ..... كسائر أغلب الطاقات الفنية والمبدعة في منفانا ... العجيب
.....................................
مناجاة عازف عود عراقي
كتابة : حسين السكاف
عاصم الجلبي ، إمتداد مهم لمدرسة العود البغدادي في ألبومه الموسيقي الجديد " مناجاة – عود منفرد " يُظهِر لنا الفنان عاصم الجلبي ذلك الإنتماء التقني والروحي لمدرسة العود البغدادي، فالمعروف عن الفنان عاصم الجلبي أنه باحث متخصص في تقنيات تلك المدرسة المهمة في تاريخ الموسيقى العراقية والعربية، ومعروف عنه أيضاً محاولاته الجادة في إبراز الملامح الأساسية لمدرسة العود البغدادي من خلال عروض موسيقية منفردة لتلك الآلة بالعزف المنفرد في بلدان العالم المختلفة.
ألبوم " مناجاة " الذي يحتوي على ستة مقطوعات موسيقية، مختلفة الصورة واللون والموضوع، مشتركة في موضوعة الإرتجال والتقنية العالية بالإرتكاز على موروث المقامات الموسيقية العراقية المعروفة، وهذه التقنية هي تماماً التقنية التي تتميز بها مدرسة العود البغدادي، حيث تشترك المقطوعات الموسيقية في تقنية الخلط بين التقاسيم كصيغة ملحنة – قطع جديدة من تلحين العازف – وبين مقاطع مكتوبة سلفاً للموسيقى وهي عبارة عن خطوط أو قوالب موسيقية عامة معروفة من المقامات العراقية. إلاّ أننا نجد في كل مقطوعة، فكرة موسيقية أو صورة لمشهد يميزها، حيث لا يكون المستمع واهماً إذا تخيل أن هناك حديث أو عتاب بين عاشقين تتوزع أصواتهما بين القرار والجواب في مقطوعة " رومانس Romance ".
أما مقطوعة " منمنمة من مقام النهاوند " التي استوحاها الفنان عاصم الجلبي من العوالم الموسيقية الخاصة التي كان يتميز بها العازف اليمني " جميل غانم "، تلميذ أحد رواد مدرسة العود البغدادي ، الفنان الموسيقي العراقي سلمان شكر، نجد في تلك المقطوعة، أن العازف عاصم الجلبي قد حرص على إظهار جزء كبير من قدراته الموسيقية ، مما يجعلنا وضع تلك المقطوعة في موضع الإلتماعة الموسيقية المهمة في هذا الألبوم. وكأنها مهداة إلى أستاذ العود الذي تأثر به عاصم الجلبي وأقصد هنا الفنان سلمان شكر، ليقول له، " أنظر إلى أية مرحلة عزفية وصل إليها تلميذك النجيب ".
الفنانون الذين ينتمون إلى مدرسة العود البغدادي، تميزهم القدرة المحكمة على البحث والتجريب والإرتجال، وكذلك الإهتمام المفرط في الحفاظ على الموروث الموسيقي والثقافي. ففي الوقت الذي وضع فيه الشريف محيي الدين حيدر عام 1937 الأسس النظرية والتطبيقية لدراسة آلة العود، كانت تلك الآلة لا تخرج عن كونها آلة موسيقية مرافقة للمغني أو المطرب. ولكن الذي حدث بعد أن تتلمذ على يده طلبتة (حيث تتلمذ على يد الشريف محيي الدين حيدر أهم الرموز الموسيقية العراقية، فلقد تخرج جميل بشير وسركيس آروش من الدورة الأولى لآلة العود عام 1943، ، و سلمان شكر من الدورة الثانية ، و منير بشير من الدورة الثالثة ، ثم غانم حداد وعادل أمين خاكي، وبعد ذلك سالم عبدالله ذياب ومحمد ياسين عبد القادر، ومن الدورة السادسة عام 1949، كل من يعقوب يوسف والشاعرة نازك الملائكة وخليل إبراهيم وفوزي ياسين) ، أصبحوا هؤلاء فيما بعد من الرموز الموسيقية العراقية والعربية المهمة، وظهور آلة العود بصورة النجم الموسيقي الذي ينافس كل مجالات الموسيقى وآلاتها من خلال العزف المنفرد. وهنا أستشهد بما قاله الموسيقي العراقي منير بشير – أحد أهم رموز مدرسة بغداد في العود – في إحدى لقاءاتة الصحفية حين قال " أعتمد على الإرتجال لأكون حراً "، ولكنه قال أيضاً " كل موسيقى في العالم لها خصائص لا يمكن العبث بها، كل موسيقى تمثل تراث وهوية الأمة التي أبدعتها " ويضيف " الموسيقى تخرج لتعيش الزمن الذي يعيشه المبدع، لكنها يجب أن تظهر بشكل ينسجم مع الثقافة التي يحملها مؤلفها. فإذا كانت ثقافته متواضعة، نتاجه يكون أيضاً متواضع. وإذا كانت ثقافته عالية وجذورها ممتدة في الأعماق ومتفتحة على العالم، لا بد أن تكون موسيقاه كذلك ". تلك هي المميزات الحقيقية التي يتمسك بها رواد وطلبة مدرسة بغداد في العود.
وبالعودة إلى ألبوم " مناجاة " الذي أصدره الفنان عاصم الجلبي، نجد أن تلك العلامات المميزة واضحة بشكل كبير، ففي مقطوعة " تقاسيم رست – البغداديات " وهي المقطوعة الرابعة من الألبوم، نجد أن الإرتجال العزفي لمقام الرست أخذ صورة رسالة موسيقية حميمة إلى الرواد الأوائل من تلك المدرسة، رسالة موسيقية مليئة بالحب والإعجاب، ثم تتحول الرسالة على إيقاع الجورجينا إلى دعوة تعيد رواد مدرسة العود البغدادي إلى مناطقهم البغدادية بأزقتها وأجوائها الخاصة، فإيقاع الجورجينا هو الإيقاع الذي يميز أغلب الأغاني البغدادية، الأغاني التي رسخت في الذاكرة العراقية منذ زمن طويل.
يختتم ألبوم " مناجاة " رسالته الموسيقية في مقطوعته السادسة التي حملت عنوان " في فينا In Vienna "
وفيها يشير الفنان إلى وطن الإغتراب الذي يعيشه، بصورة تشير إلى السحر أو الجانب الجمالي في ذلك الوطن. فلقد صور الفنان عاصم الجلبي أجواء ذلك السوق الشعبي الذي يتوسط العاصمة، والذي يمتاز بإمتدادة الملفت للنظر، إنه سوق
Nacshmarket
، الذي استوحى منه الفنان مقطوعته الموسيقية كدلالة على إغتراب روح عراقية أخذ العود صورتها، في منطقة ساحرة شديدة الألفة.
تميزت الطريقة التعليمية – نظرية وتطبيقية – التي أسسها الشريف محيي الدين حيدر بأنها طريقة حديثة لم يعرفها معلمي الموسيقى من قبل ، فعلى الرغم من شرقية آلة العود، إلاّ أن أسلوب حيدر كان يتطابق تماماً مع المنهجية الغربية الكلاسيكية التي تدرس بمستويات مرحلية متتابعة النظام متصاعدة الصعوبة نظرياً وتطبيقياً. وعلاوة على ذلك، كان على الطالب الدارس لآلة العود أن يدرس طريقة
Hanon
و كذلك طريقة
Czerny
، وهما طريقتان لدراسة آلة البيانو، ومناهج وطرق غربية أخرى، وكان عليه أن يتقنها حق الإتقان قبل أن يسمح له بالإرتجال على العود، ولكن الحقيقة أخبرتنا بأن الطلبة كانوا يرتجلون فيما بينهم أو في خلوتهم، إلاّ أن المعلم كان يمنع عليهم ذلك قبل أن يتمكنوا من تقنيات العزف الصحيحة، وقبل أن يحذقوا فنهم وتقنياته.
لقد أثبت الفنان عاصم الجلبي في ألبومه الأخير " مناجاة " على أنه إمتداد مهم لتقنيات وروح مدرسة العود البغدادي ، تلك المدرسة التي جعلت من آلة موسيقية واحدة عالم موسيقي متكامل.
استمع الى موسيقى الفنان عاصم الجلبي
تقاسيم نهاوند - من ألبوم مناجاة
رومانس من البوم " مناجاة "
مناجاة - من مقام الحجازكار
تقاسيم راست - بغداديات
منمنمات في مقام النهاوند
|