الفرق بين المقام والطور في الغناء الشعبي العراقي - الباحثة الموسيقية فاطمة الظاهر
2020-07-27
الوتر السابع
الفرق بين المقام العراقي والأطوار الريفية
كتابة : الباحثة الموسيقية فاطمة الظاهر
جاءنا السؤال الآتي :
ما الفرق بين المقام والطور ولماذا أختص أهل الجنوب بالطور في أغانيهم ؟
نجود بما لدينا من معلومات بهذا الخصوص وأرجو ان تكون كافية و واضحة ليستفيد منها السائل.
المقام العراقي هو قالب غنائي ، وماذا يعني القالب الغنائي ؟ القالب ويعني فورمة محددة موضوع بصياغة محددة لتصبح قالب مصبوب ومحدد لا يجوز التلاعب به او تغير فورمته.
توارثته الأجيال شفاها عبر السنوات وقد اختلف المؤرخون في تحديد سنة ظهور المقام العراقي فمنهم من ينسبه الى العصر العباسي ومنهم من ينسبه الى 300 سنة مضت ولكنه تناقل شفاها عبر الاجيال بقواعده وأصوله وأركانه وقالبه المعروف لجميع قراء المقام والواجب أداءها والالتزام بها في قراءة المقام العراقي
لهذا السبب تعتبر قراءة المقام فن صعب التراكيب تتسم قواعده بالصرامة والمحافظة على طريقة أداءه، ولا يسمح بتجاوزها والخروج عنها ، يقرأ حالياً في العراق بكل أصوله وقواعده الصارمة التي تحتم على قارئ المقام أن يلتزم بها عند قراءته للمقام ، ومن لم يلتزم بها فلا يمكن ان ينتمي او يجنس على جماعة قارئي المقام.
يتكون المقام العراقي من مجموعة أركان صارمة يلتزم بها كل قارئ مقام وهي كالآتي :
1- التحرير أو البدوه:
2 - الجلسة
3 - الميانة
4 – القرار
5 - القطع والاوصال:
6 – التسليم
هكذا يسمى هذا القالب المحدد بهذه الاركان بالمقام العراقي ويسمى القارئ الذي يؤدي كل هذه الاركان بقارئ مقام ، وهنالك مقامات تقرأ بالشعر العربي الفصيح ومقامات تقرأ بالشعر الشعبي العامي ( الزهيري) ، وطبعاً بعد كل قراءة مقام عادةً تأتي البستة والتي هي أغنية خفيفة تشيع جو من البهجة والمرح بعد قراءة كل مقام.
اما الأطوار الريفية فهي أبوذيات وتشبهه المواويل وتغنى بشكل أرتجالي وليس هنالك قواعد أو قالب غنائي صارم يحكمها كالتي في المقام العراقي وانما المغني يجود أرتجالاً بما يمتلكه من موهبة وأمكانيات أدائية
الاطوار الريفية هي غناء خاص بالغناء الريفي ويسمى احياناً بالمقامات الريفية وهو من الغناء والموسيقى الشعبيه التي لم تكن مدونة الا بعد ان جاء الموسيقار روحي الخماش فدون منها ما يقارب 35 طوراً ريفياً (كما دون 40 مقاماً عراقياً في كتاب ثامر العامري عن المقام العراقي) دونت تلك الأطوار الريفية في كتاب الأستاذ ثامر العامري ( المغنون الريفيون والأطوار الريفية) حيث قبل تدوينا تتناقل شفاها بين الناس (كالمقام العراقي) وهذا متعارف عليه حتى يومنا هذا وبقيت تعيش في ذاكرة أولئك الذين يعزفونها ويتغنون على إيقاعاتها وآلالاتها الشعبيه المتوارثه ولا تزال.
أن ثقافة الآمم هي هويتها ، وقد تكون هي المعبر الحقيقي عن روح ذلك المجتمع الذي أبتدع تلك الأعمال الفنية الشعبية , لذا فأن الاعمال الشعبيه لم تأتي إعتباطاً , وانما هنالك من كان يبتدع الكلمه واللحن وهنالك من يتلقى ، وكان الراوي لا بد له من الاستحواذ على أسماع متلقي العمل الفني الشعبي لأنها تعبر عن آمالهم وتطلعاتهم ، فهو يحس بمشكلاتهم وما يؤذيهم وما يرضيهم ويتجاوب مع مشاعرهم فيعبر عن وجهة نظر جماعته بالكلمة والنغم ، ولقد عانى جنوب العراق ولسنوات طوال من الظلم والتهميش والامتهان لكرامتهم بأعتبارهم مجتمعاً فلاحياً عانى من أضطهاد الأقطاع وظلم الحكومات ، وعليه فأن الاعمال الشعبيه تلمح لمراحل مرت بها تلك الجماعات من فرح أو حزن أو ظلم أو مشكلات ، فهي نابعه من وجدان الناس ومعبرة عن أوضاعهم وحياتهم وأن كل عمل فني يحكي موقف ومرحله من تلك المراحل الماضيه
فالأطوار الريفية الغنائية أبتدعها الناس وأجادوا بها وخاصةً أبناء الجنوب من العراق لما عانوه من ظلم وحرمان ، وهنالك من يرجح ظهورها قبل 100 عام
ليس هنالك أية أركان تحكم أداء الأطوار الريفية كأركان المقام العراقي ، ولكن عرف عنها أنها تغنى بأبيات الآبودية ، والآبودية هي أبيات من الشعر الشعبي. وهذه الابيات تتيح للمغني ان يغنيها بأي طور من الاطوار الريفية .ولم يعرف لها قواعد غنائية تحكمها فالمغني يجود بطريقة غناءه والأجادة فيه تأتي من مقدرته وموهبتة الفطرية وأجادته في الأداء والتنقلات والزخارف النغمية (العُربْ) في غناء الطور، ولكن عرف أن كل طور من الأطوار الريفية لها المقام الموسيقي الذي تغنى به مثل ( طور المحمداوي فهو في مقام الصبا وطور الحياوي في مقام البيات ، والعنيسي في مقام السيكاه .... وهكذا) ولها نغمة الانطلاق ونغمة الاستقرار على السلم الموسيقي.
المقام العراقي يأخذ سلالم موسيقية كاملة والتي تتكون من 8 درجات موسيقية لو أضفنا اليها النغمة الثامنة وهي جواب نغمة الأنطلاقة ( أي سلالم موسيقية تحوي على جنسين ) ، أما بالنسبة للأطوار الريفية فهنالك من الأطوار التي تتكون من 7 درجات موسيقية وهنالك من الأطوار التي تقتصر على 6 أو 5 درجات موسيقية فقط أي تقريباً جنس واحد ودرجة او درجتين موسيقيتين وأحيانا يكون الطور جنس واحد فقط.
من الاطوار الريفية المعروفة والتي كثرت انواعها ، هنالك أطوار أستمدت أسماها أما من اسم منطقة أو مدينة مثل ( طور الحياوي/ نسبة الى مدينة الحي ، الشطراوي ، المجراوي وطور البحراني) او أكتسبت تسميتها من أسم قبيلة مثل ( طور المحمداوي نسبة الى قبيلة البو محمد أو طور الطريحي نسبة الى أسرة آل الطريحي النجفية) وغيرها ، وهنالك أطوار اكتسبت تسميتها من أسماء الأشخاص مثل ( طور الطويرجاوي نسبة الى عبد الامير الطويرجاوي ) وغيرها الكثير ، وأطوار أكتسبت تسميتها نسبة الى أسماء الطوائف مثل ( طور الصبي نسبة الى طائفة الصابئة في العراق ) وأطوار أكتسبت تسميتها من أسماء المقامات العراقية مثل ( طور المنصوري ، اللامي ، الدشت ، الشرقي ) وجميع هذه الأطوار تفرعت عنها أطوار أخرى بمسميات أخرى أستناداً الى النغمة الموسيقية التي ينطلق منها الطور والنغمة الموسيقية التي يستقر عليها.
المقام العراقي - مقام حجازكار بصوت قارئ المقام يوسف عمر مع بستة هاجن جنوني
مقام الصبا العربي ويؤخذ سلماً كاملاً في قراءة المقام العراقي - مقام صبا .. نستمع اليه بصوت قارئ المقام طه غريب
المقام العراقي - مقام الصبا بصوت قارئ المقام طه غريب
السلم الموسيقي لطور المحمداوي ( صبا ) ويتكون من 6 درجات واحياناً يأتي بسبع درجات حسب غناء وموهبة كل مطرب.. نستمع اليه بصوت الفنان رياض احمد
طور المحمداوي ( وهو في سلم مقام الصبا) بصوت المطرب رياض احمد